البناء لغير الفاعل ظاهرة عروبية، لها خصوصياتها وقضاياها، تطرح إشكالية تتعلق بالعدول عن استعمال البناء للفاعل أو البناء للمعلوم، في اللغة عموما وفي الكتب الدينية على وجه الخصوص، حيث يُعدل إلى توظيف البناء لغير الفاعل أو البناء للمجهول في سياقات معينة. وقد ساهم ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم، في احتفاظها بهذه الظاهرة، متميزة عن أخواتها العروبيات عامة، وقريبة من العبرية على وجه خاص. ولا شك أن هذا التمايز والتنوع في الأسلوبين القرآني والتوراتي يخفي أسرارا، استدعت من هذا البحث الكشف عن أسبابها.
ومن أجل ضبط الظاهرة وتتبعها، قام الدكتور يوسف الكناني برصد “البناء لغير الفاعل” في المعطيات اللغوية العربية والعبرية، بالاعتماد على القرآن الكريم، كونه المصدر الأول الذي يمكن من خلاله دراسة التراكيب اللغوية العربية، لأنه حافظ عليها من التغيير ومن اللحن، ثم لغنى المتن اللغوي الذي يتضمنه، ومن خلال الاعتماد أيضا على الكتاب المقدس “العهد العتيق” لما له من اعتبارات، منها، أنه يتضمن لغة عبرية قديمة رصينة وموحدة لم تصبها التغييرات التي طرأت على العبرية المعاصرة، وقد وجد أن بين المصدرين مجموعة من نقط الاتفاق، لدرجة التطابق في دلالة على وحدة الأصل بين اللغتين العربية والعبرية.
Reviews
There are no reviews yet.