يدل وجود ظاهرة البناء لغير الفاعل في عدد من اللغات العروبية على أنها ترجع إلى العروبية الأم، وهي ظاهرة قائمة على تعديل صوائت المبني للمعلوم. وقد تناول الدكتور يوسف الكناني هذه الظاهرة من خلال دراسة الصيغ الصرفية للأفعال المبنية لغير الفاعل في القرآن الكريم، دراسة تركيبية ودلالية، مع مقارنتها بالصيغ نفسها في سفر التكوين من العهد العتيق، وذلك بغرض الكشف عن الوظائف والدلالات التي يؤديها استخدام البناء لغير الفاعل في التعبيرين القرآني والتوراتي، وعن القيمة المضافة أو الدلالة الخاصة التي يفيدها توظيف البناء لغير الفاعل عوضا عن البناء للفاعل.
كما سعى إلى إبراز التقاطع بين ظاهرة البناء لغير الفاعل في اللغة العربية مع بعض الظواهر اللغوية الأخرى، وعلى رأسها المطاوعة والانعكاس، من خلال إبراز الاختلاف والتماثل بينهما. ومما أغنى البحث حضور الفاعل في البناء لغير الفاعل في بعض الشواهد المعتمدة، مما اقتضى تعميق البحث في الحالات التي تستدعي التصريح بالفاعل في البنية اختيارا أو ضرورة. وذكر ما يتميز به القرآن الكريم من تنويع في تعابيره وصيغ أفعاله وبنائها، ومن هذه التنويعات وجود المغايرة في بعض السياقات بين البناء للفاعل والبناء لغير الفاعل.
والفاعل في البناء لغير الفاعل لا يُحْذَف وحده من الجملة دائما، بل قد تُحْذَف معه وظائف نحوية أخرى ترتبط به دلاليا وتركيبيا، ويمكن في حالات خاصة ذكر الفاعل الحقيقي مع وجود نائبه في إطار الجملة الواحدة، أو في إطار النص، يُنزع فيها الفاعل بالحرف، ويبقى مذكورا سواء في إطار الجملة نفسها أو في سياق الكلام.
Reviews
There are no reviews yet.